ن. ك. جيميسن: الرواية التي جرّدتني من حيادي
قبل عدة سنوات في معرض الكويت الدولي للكتاب توجهت إلى جناح تكوين، وكان الصديق محمد العتابي مدير منشورات تكوين واقفًا فاقترب منه وقلت له "ن. ك. جيميسن" ولم أكن قد قرأت أيًا من أعمالها في تلك السنة أظنها كانت 2022 أو 2021، ولكنني رأيت مدحًا كبيرًا لسلسلتها الأخيرة التي فازت جميع أجزائها بجائزة هوغو المتخصصة بالفانتازيا والخيال العلمي، وهذا الإنجاز هو الوحيد من نوعه في تاريخ الجائزة، أن تفوز كاتبة واحدة في ثلاثة سنوات متتالية لكتب من ذات السلسلة، بالإضافة إلى أن الجزء الثالث فاز بجائزة نيبيولا، لتجتمع جيميسن في ناد لأفضل الكتاب في تاريخ الفانتازيا والخيال العلمي مثل فرانك هيربرت وآرثر سي. كلارك وإسحاق أسيموف وأورسولا لو غون وويليام غيبسون وغيرهم.
كلمة ن. ك. جيميسن فور استلامها جائزة هوغو الثالثة
تبين لاحقًأ أن الكاتب والمترجم محمد جمال سبقني في ترشيح السلسلة لتكوين وبالفعل حصلت الدار على الحقوق وقام محمد بترجمة العمل الاستثنائي، بدأت بقراءة النسخة الانجليزية قبل فترة بسيطة جدًا من صدور الترجمة العربية، وسحرني كل ما في الرواية من لغة وبناء سردي بديع، وبناء العالم والنظام السحري، كل شيء في الرواية، ولم أخف من بداية قراءتي للرواية حماسي وانفعالي لكل من تحدثت معه، كلما جلست في مجلس أخرجت الكتاب وقرأت فقرة، عادة ما تكون القراءة شديدة المسرحية ومصحوبة بأداء استعراضي نابع من شدة تأثري بالنص.
هذه السلسلة وبالذات الجزء الأول منها سلبتني وقاري، وأخرجتني من البناء الفكري الذي حبست فيه نفسي، بأن لا أنصح بقراءة كتاب لأنني لست وصيًا على الناس، وجردتني من حيادي وتفهمي لفكرة أن الذوق نسبي، إلا أن هذه الرواية لم أتوقف عن النصح بقراءتها ورشحتها كلما استطعت، وأصدرت أحكامًا مغلظة بذوق وفهم كل من لم تعجبه السلسلة وقلت له بكل هجومية "المشكلة فيك".
أقرأ الآن الجزء الثالث من السلسلة الذي أجلت قراءته مدة طويلة، فلا أريد لهذه الرحلة أن تنتهي، وخائف من متابعة الرحلة، فلا أريد أن أرى مكروهًا يصيب ناسون، ولا أريد أن تنتهي اسون إلى مصير آلاباستر، لا أريد للسكون أن تصرخ، ولا أريد لأرض أن يغضب.
وفي هذا المقطع أتوقف للحديث عن قطعة بعينها في السلسلة تتجلى فيها عبقرية ن. ك. جيميسن وشاعريتها.
ملاحظة
ذكرت أن جائزة هوغو إحدى الجوائز التي لم تتأثر بالعوامل السياسية، وهو أمر صحيح إلا أن على الجائزة وصمة في التساهل مع الضغوط الصينية بالتحديد التي حرمت ترشيح بعض الكتاب مثل ر. ف. كوانغ في السنة التي عقد مؤتمر الخيال العلمي والفانتازيا في شينجدو عام 2023 على الرغم من حسن استقبال روايتها بابل من القراء والنقاد على حد سواء.

إشارة
الجزء الأول والجزء الثاني من السلسلة ترجما من قبل محمد أ. جمال عن منشورات تكوين، بعنوان الموسم الخامس وبوابة المسلة، ومن المتوقع أن يصدر الجزء الثالث هذه السنة مع بداية موسم معارض الكتاب.